فصل: مقتل ظاهر بن هلال واستيلاء أبي الشوك على بلادهم ورياستهم.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.انتقاض هلال بن بدر بن حسنويه على أبيه وحروبهما:

كانت أم هلال هذا من الشاذنجان رهط أبي الفتح بن عنان وأبي الشوك بن مهلهل واعتزلها أبوه لأول ولادته فنشأ مبعدا عن أبيه واصطفى بدر ابنه الآخر أبا عيسى وأقطع هلالا الصامغان فأساء مجاورة ابن المضاضي صاحب شهرزور وكان صديقا لبدر فنهاه عن ذلك فلم ينته وبعث ابن المضاضي يتهدده فبعث إليه أبوه بالوعيد فجمع وقصد ابن المضاضي وحاصره في قلعة شهرزور حتى فتحها وقتل ابن المضاضي واستباح بيته فاتسع الخرق بينه وبين أبيه واستمال أصحاب أبيه بدر وكان بدر نسيكا فاجتمعوا إلى هلال وزحف لحرب أبيه والتقيا على الدينور وانهزم بدر وحمل أسيرا إلى ابنه هلال فرده في قلعته للعبادة وأعطاه كفايته بعد أن ملك الحصن الذي تملكه بما فيه فلما استقر بدر بالقلعة حصنها وأرسل إلى أبي الفتح بن عنان وإلى أبي عيسى سادى بن محمد بأستراباذ وأغراهما بأعمال هلال فسار أبو الفتح إلى قرميسين وملكها.
وأساء الديلم فاتبعه هلال إليها ووضع السيف في الديلم وأمكنه ابن رافع من أبي عيسى فعفا عنه وأخذه معه وأرسل بدر من قلعته يستنجد بهاء الدولة فبعث إليه الوزير فخر الملك في العساكر وانتهى إلى سابورخواست واستشار هلال أبا عيسى بن سادي فأشار عليه بطاعة بهاء الدولة وإلا فالمطاولة وعدم العجلة باللقاء فاتهمه وسار العسكر ليلا فكبسه وركب فخر الملك في العسكر وثبت فبعث إليه هلال بأني إنما جئت للطاعة ولما عاين بدر رسوله طرده وأخبر الوزير أنها خديعة فسر بذلك وانتفت عنه الظنة ببدر وأمر العساكر بالزحف فلم يكن بأسرع من مجيء هلال أسيرا فطلب منه تسليم القلعة لبدر فأجاب على أن لا يمكن أبوه منه واستأمنت أمه ومن معها بالقلعة فأمنهم الوزير وملك القلعة وأخذ ما فيها من الأموال يقال أربعون ألف بدرة دنانير وأربعمائة ألف بدرة دراهم سوى الجواهر والثياب والسلاح وسلم الوزير فخر الملك القلعة لبدر وعاد إلى بغداد.

.استيلاء ظاهر بن هلال على شهرزور.

كان بدر بن حسنويه قد نزل عن شهرزور لعميد الجيوش ببغداد وأنزل بها نوبة فلما كانت سنة أربع وأربعمائة وكان هلال بن بدر معتقلا سار ابنه ظاهر إلى شهرزور وقاتل عساكر فخر الملك منتصف السنة وملكها من أيديهم وأرسل إليه الوزير يعاتبه ويأمره بإطلاق من أسر من أصحابه ففعل وبقيت شهرزور بيده.

.مقتل بدر بن حسنويه وابنه هلال.

ثم سار بدر بن حسنويه أمير الجيل إلى الحسن بن مسعود الكردي ليملك عليه بلاده وحاصره بحصن كوسجة وأطال حصاره فغدر أصحاب بدر وأجمعوا قتله وتولى ذلك الجورقان من طوائف الأكراد فقتلوه وأجفلوا فدخلوا في طاعة شمس الدولة بن فخر الدولة صاحب همذان وتولى الحسين بن مسعود تكفين بدر ومواراته في مشهد علي ولما بلغ ظاهر بن هلال مقتل جده وكان هاربا منه بنواحي شهرزور جاء لطلب ملكه فقاتله شمس الدولة فهزمه وأسره وحبسه بهمذان واستولى على بلاده وصار الكرية والشاذنجان من الأكراد في طاعة أبي الشوك.
وكان أبوه هلال بن بدر محبوسا عند سلطان الدولة ببغداد فأطلقه وجهز معه العساكر ليستعيد بلاده من شمس الدولة فسار ولقيه شمس الدولة فهزمه وأسره وقتله ورجعت العساكر منهزمة إلى بغداد وكان في ملك بدر سابورخواست والدينور وبروجرد ونهاوند وأستراباذ وقطعة من أعمال الأهواز وما بين ذلك من القلاع والولايات وكان عادلا كثير المعروف عظيم الهمة ولما هلك هو وابنه هلال بقي حافده ظاهر محبوسا عند شمس الدولة بهمذان.

.مقتل ظاهر بن هلال واستيلاء أبي الشوك على بلادهم ورياستهم.

كان أبو الفتح محمد بن عنان أمير الشاذنجان من الأكراد وكانت بيده حلوان وأقام عليها أميرا وعلى قومه عشرين سنة وكان يزاحم بدر بن حسنويه وبنيه في الولايات والأعمال بالجيل وهلك سنة إحدى وأربعمائة وقام مكانه ابنه أبو الشوك وطلبته العساكر من بغداد فقاتلهم وهزموه فامتنع بحلوان إلى أن أصلح حاله مع الوزير فخر الملك لما قدم العراق بعد عميد الجيوش من قبل بهاء الدولة ثم إن شمس الدولة بن فخر الدولة بن بويه أطلق ظاهر بن هلال بن بدر من محبسه بعد أن استحلفه على الطاعة وولاه على قومه وعلى بلاده بالجيل وأبو الشوك صاحب حلوان والسهل وبينهما المنافسة القديمة فجمع ظاهر وحارب أبا الشوك فهزمه وقتل سعدي بن محمد أخاه ثم جمع ثانية فانهزم أبو الشوك أيضا وامتنع بحلوان وملك ظاهر عامة البسيط وأقام بالنهروان ثم تصالحا وتزوج ظاهر أخت أبي الشوك فلما أمنه ظاهر وثب عليه أبو الشوك فقتله بثأر أخيه سعدي ودفنه أصحابه بمقابر بغداد وملك سائر الأعمال ونزل الدينور.
ولما استولى علاء الدولة بن كاكويه على همذان سنة أربع عشرة وأربعمائة عندما هزم عساكر شمس الدولة بن بويه واستبد عليه سار إلى الدينور فملكها من يد أبي الشوك ثم إلى سابورخواست وسائر تلك الأعمال وسار في طلب أبي الشوك فأرسل إليه مشرف الدولة سلطان بغداد وشفع فيه فعاد عنه علاء الدولة ولما زحف الغز إلى بلاد الري سنة عشرين وأربعمائة وملكوا همذان وعاثوا في نواحيها إلى أستراباذ وقرى الدينور خرج إليهم أبو الفتح بن أبي الشوك وقاتلهم فهزمهم وأسر منهم جماعة ثم عقد الصلح معهم على إطلاق أسراهم ورجعوا عنه ثم استولى أبو الشوك سنة ثلاثين وأربعمائة على قرميسين من أعمال الجيل وقبض على صاحبها من الأكراد الترهية وسار أخوه إلى قلعة أرمينية فاعتصم بها من أبي الشوك وكانت لهم مدينة خولنجان فبعث إليها عسكرا فلم يظفروا وعادوا عنها ثم جهز آخر وبعثهم ليومهم يسابقون جندهم ومروا بأرمينية فنهبوا ربضها وقاتلوا من ظفروا به وانتهوا إلى خولنجان فكبسوها على حين غفلة واستأمن إليهم أهلها وتحصن الحامية بقلعة وسط البلد فحاصروها وملكوها عليهم في ذي القعدة من السنة.